اسأل بوكسنل

“روائيات عربيات من جيل السبعينيات”.. كسر الهيمنة في سياق مضطرب

يقدم كتاب “روايات المرأة العربية من جيل السبعينيات”، الصادر عن المجلس العربي للدراسات النقدية عام 2025، قراءة معمقة لواحدة من أهم نقاط التحول في تطور الرواية العربية، عندما ظهرت أصوات نسائية قادرة على فرض حضورها السردي في سياق ثقافي وسياسي مضطرب.

الكتاب الذي شارك في إعداده عدد من النساء العربيات، لا ينطلق من منطق الاحتفاء البلاغي بالكتابة النسائية، بل من التساؤل الجدي عن دورها وحدودها ومساهمتها الحقيقية في إعادة تشكيل بنية الرواية العربية الحديثة.

ويركز الكتاب على جيل السبعينيات كجيل تشكل في ظل التحولات الكبيرة التي طرأت بعد هزيمة 1967، حيث انعكس الإحباط السياسي والانقسام الجماعي على الأدب بشكل عام والأدب النسائي بشكل خاص.

لم تكن الكاتبات العربيات في ذلك الوقت خارج السياق العام، بل على العكس من ذلك، عبّرن عن الموضوع من زاوية مختلفة؛ وهو ما جعل من التجربة الفردية والنسائية بوابة لفهم الواقع العربي الأوسع.

ومن المحاور الأساسية للكتاب تحليل السياق التاريخي والثقافي الذي ظهرت فيه هذه الروايات، مؤكدا أن ظهور الصوت النسائي لم يكن حدثا منعزلا، بل نتيجة تراكمية للتحولات الاجتماعية والتعليمية التي أتاحت للمرأة دخول مجال الكتابة والنشر. وفي هذا السياق يناقش الكتاب كيف تتقاطع الكتابة السردية مع أسئلة جوهرية حول الهوية والحرية والانتماء.

ويولي الكتاب أهمية خاصة لتشكيل الصوت السردي الأنثوي، باعتبار أن جيل السبعينيات كسر هيمنة الصوت الواحد وقدم رواية مبنية على ضمير المتكلم ووجهات نظر متعددة كأدوات فنية تعبر عن الرغبة في إعادة بناء القصة من مركز السلطة الذكورية.

لم يكن هذا التغيير في الصوت تقنيًا فحسب، بل نقل أيضًا موقفًا فكريًا تجاه العالم وبنية المجتمع.

يبدو أن محور الجسد والذات من أكثر المحاور حساسية؛ يشرح الكتاب كيف أصبح الجسد الأنثوي ميدانًا رمزيًا للنضال مع القمع الاجتماعي وحدود الحرية والتقاليد الصارمة. إن الكتابة عن الجسد هنا ليست وصفًا مباشرًا، بل هي أداة للكشف عن بنيات الهيمنة الخفية.

كما يركز الكتاب على وجود الفضاء الاجتماعي وظهور المدينة في هذه الروايات كمكان قلق متناقض يجمع بين الوعد وخيبة الأمل، مما يؤثر بعمق في تكوين وعي الشخصيات ومساراتها.

وعلى المستوى الفني، يناقش الكتاب التجارب السردية لدى كاتبات السبعينيات من خلال تفكيك الزمن الخطي واستخدام الاسترجاع واليوميات والرسائل من أجل كسر الأنماط السردية التقليدية التي لم تعد قادرة على احتواء تجربة جديدة.

ويختتم الكتاب بمناقشة التلقي النقدي لهذه الأعمال، مع الإشارة إلى أن اختزالها في فئة “الأدب النسوي” يساهم في تهميش قيمتها الجمالية والفكرية.

ودعا الكتاب إلى إعادة قراءة هذه الروايات ليس كجانب من الرواية العربية بل كجزء لا يتجزأ من تطورها.

يعد الكتاب محاولة جادة لاستعادة سمعة جيل من الروائيات اللاتي ساهمن بشكل كبير في توسيع آفاق الرواية العربية وفتح آفاق جديدة للكتابة والتعبير.

السابق
ملزمة الاختبارات والتدريبات المحاكية للاختبارات المركزية والنهائية خامس ابتدائي إنكليزي الفصل الأول 1447
التالي
ملزمة الاختبارات والتدريبات المحاكية للاختبارات المركزية والنهائية خامس ابتدائي علوم الفصل الأول 1447

اترك تعليقاً