اسأل بوكسنل

ما هي آخر دولة تأسست بالمغرب الأوسط قبل دخول العثمانيين؟

ما هي آخر دولة تأسست بالمغرب الأوسط قبل دخول العثمانيين؟ يربط الكثيرون في الوطن العربي، بين حالة التخلف الثقافي والسياسي والاجتماعي، التي تتمظهر بها المجتمعات العربية في عصرنا هذا، وبين القرون الأربعة التي رزحت فيها تحت حكم الدولة العثمانية، وما تميزت به هذه الايام من قمع وتنكيل وتجويع وتجهيل، مارسه الولاة التابعون للأستانة على شعوب هذه المنطقة.


ويُتهم العثمانيون بالاعتماد على عدة مصادر ووقائع تاريخية، بأنهم حكموا البلاد العربية بقوة السوط و”الخازوق”، وارتكبوا جرائم فظيعة بحق شعوبها، ولم تحد عن هذا السياق فترة حكمهم للشمال الأفريقي، التي تميزت بالاضطراب السياسي والاقتصادي، وانتهت بتسليم شعوب الجزائر وتونس وليبيا لـ يد المستعمر جاهلة ومحتاجة ومنهكة، لا تمتلك أدوات المقاومة، رغم محاولاتها الباسلة.

منتصف القرن السادس عشر، كان المدة التي تمدد فيها ظل الدولة العثمانية على أراضي شمال أفريقيا، لأسباب متشابهة، والغريب أن انتهاء وجودهم في هذه المناطق كانت أيضاً متشابهة لـ حد بعيد، كما كانت سياستهم في إدارة هذه البلاد واحدة، وخلفت بها الكثير من المآسي والندوب في الذاكرة الجمعية لشعوبها، حتى يومنا هذا.

البداية دماء ونكث للعهود في الجزائر

كانت الجزائر أول البلاد العربية في شمال أفريقيا التي دخلها العثمانيون سنة  1516، لا غزاة ولا مستعمرين بل قوة حامية، استنجد بها الجزائريون مكافحة التحرشات الإسبانية، التي كانت تقوم بها سفن بحرية تابعة لمدريد على شواطئهم. وهو ما يذكره الباحث الجزائري محمد بن مبارك الميلي في كتابه” تاريخ الجزائر القديم  والحديث”، مؤكداً أن “محاولات وغزوات الإسبان ضد الجزائر، كانت من بين الأسباب المباشرة التي مهدت لاستقرار الحكم التركي بالجزائر”.

استجاب العثمانيون للطلب الجزائري، ونجحوا في طرد الإسبان، لكنهم لم يغادروا البلاد، وبقوا فيها لـ سنة 1830، عندما وقعت تحت الاستعمار الفرنسي. كانت هذه بدء العهد العثماني في الجزائر، كارثية وملطخة بالدماء، فعندما استنجد سلطان الجزائر وقتها، سليم التومي، بالعثمانيين أرسلوا له القائدين البحريين المشهورين، الأخوين خير الدين وعروج بربروس، لطرد الإسبان.

ويقول محمد الميلي، عن هذه الحادثة “عندما دخل عروج لـ الجزائر استقبله الشيخ سليم التومي وسكان المدينة، استقبال الفاتحين، وسارع عروج بنصب مجموعة من المدافع تجاه جزيرة صغيرة يسيطر عليها الإسبان، وبعث لـ قائد الحامية الإسبانية يأمره بالاستسلام، لكنه رفض، فأطلق عروج نيران مدفعيته على المعقل الإسباني، إلا أن ضعف مدفعيته لم تمكنه من تحقيق الانتصار”.

ويضيف الميلي “سقطت هيبة الأتراك في أعين سكان الجزائر، إضافة لـ أن ذوي ميناء الجزائر بدأوا يتضجرون من تصرفات الأتراك، الذين كانوا يعاملون الجزائريين معاملة فظة، وبدأت تظهر بوادر التمرد، إلا أن عروج ذهب بنفسه لـ منزل السلطان سليم التومي، وقتله بيده في الحمام حيث وجده، وخرج على جنده وأعلن نفسه سلطاناً على الجزائر”.

ويقول المؤرخ الأميركي وليم سبنسر، في كتابه “الجزائر في عهد رياس البحر” عن هذه الحادثة، إن “سكان الجزائر العاصمة أوفدوا شخصيات عدة بارزة، لإقناع عائلة بربروس لمساعدتهم في القضاء على قلعة (البينيون)، والجنود الإسبان الموجودين فيها، وعُقدت اتفاقية بين سكان المدينة وحاميهم الجديد، تنص على احترام  سيادة مدينتهم، وأن لا تفرض عليهم ضرائب حديثة أو التدخل في تجارتهم، وأن تكون مساعدة عروج مقصورة على طرد الإسبان من شواطئ الجزائر”.

ويضيف “قبلت عائلة بربروس هذا الطلب، ورأت فيه فرصة للاستيلاء على مدينة الجزائر، المهمة والغنية جداً والمأهولة بالسكان، خصوصاً لأنها مناسبة لعمليات القرصنة. إلا أن عدم نجاح عروج في إجلاء الإسبان من الجزيرة كان وقعه مريراً على السكان الذين لم يتحملوا تصرفات الأتراك، لممارستهم العنف والسرقة وغطرستهم، مما زاد الوضع سوءاً”.

وهكذا كان أهل الجزائر كالمستجير من الرمضاء بالنار، فبعد جلبهم العثمانيين للتخلص من الخطر الإسباني احتلوا بلادهم وفرضوا عليهم المكوس الظالمة. كما عمل الأتراك على حرمان الجزائريين من مناصب الإدارة والحكم، وفرضوا ضرائب مجحفة على السكان، ما تسبب في ثورات شعبية عديدة عليهم، كما تذكر الكثير من المصادر التاريخية في هذه الحقبة. وواصل العثمانيون سياساتهم هذه في إدارة الجزائر حتى سقطت في يد الاستعمار الفرنسي عام 1830 منهكة يعشش فيها الجهل ويعاني أغلب سكانها الفاقة والفقر.

ما هي آخر دولة تأسست بالمغرب الأوسط قبل دخول العثمانيين؟

المحتويات

سيطرالعثمانيون بعد ذلك على تونس عام 1533 ومنها لـ شواطئ طرابلس الغرب، بعد أن احتلتها إسبانيا عام 1550 التي نجحت فيما فشلت في تحقيقه بالجزائر. ثم في عام 1530 تنازل الملك تشارلز الأول عن طرابلس ومالطا وغودش، لـ فرسان القديس يوحنا، تعويضاً عن طرد العثمانيين لهم من جزيرة رودس حتى عام 1551، عندما استنجد السكان بالعثمانيين لطردهم، كما حدث بالجزائر، فحاصرها وغزاها الأميرال العثماني سنان باشا ودرغوث باي، الذي صرح فيما بعد باشا على طرابلس.

سيطرت بعدها القوات العثمانية، على مدن ومواقع قبائل المناطق الداخلية مثل مصراتة، زوارة‎، غريان‎ وصولاً لـ برقة، وعينت السلطات العثمانية في إسطنبول، ولاة لها على ليبيا في برقة وطرابلس وفزان.

في ذلك الصباح الدامي، وصل 45 رجلاً من رؤساء القبيلة في موكب كبير لـ قلعة بنغازي في منطقة البركة (موقع لا يزال قائماً حتى اليوم)، واستقبلهم الوالي العثماني بوجه متهلل يخفي وراءه غدراً عظيماً، وقدم لهم فناجين القهوة، بعد خطبة الترحيب، في وقت كان ابن الوالي يبشر مشايخ القبيلة بعفو أبيه.

بعدها دخل الحراس شاهرين سيوفهم لينفذوا أوامر الوالي بذبح كافة مشايخ القبيلة، وأجهزوا على مجموعة كبير منهم، وأخذوا من أظهر المقاومة لـ غرفةٍ قريبة أُعدت خصيصاً لإعدامهم، واصطيدت قلة حاولت الهروب برصاص بنادق الحراس، فلم يخرج أحد من أعيان الجوازي الذين دخلوا القصر ذلك اليوم حياً.

ما هي آخر دولة تأسست بالمغرب الأوسط قبل دخول العثمانيين؟

لكن الباحث التونسي المتخصص في التاريخ العثماني، مصطفى الستيتي، يشير لـ أن العلاقة بين بلاده بحسب ما يصورها الأرشيف العثماني، لها واقع مختلف، إذ “نجد الكثير من المراسلات بين تونس والباب العالي، وكذلك الكثير من التقارير تبيّن طبيعة العلاقات السياسية بين تونس باعتبارها ولاية أو إيالة عثمانيّة وبين مركز السلطة في إسطنبول. ويمكن في هذا الموضوع خصوصاً مراجعة التقرير رقم هاتف: DUIT 140-62، ففي هذه التقارير تأكيد على أن تابعية تونس للسلطنة العثمانية كانت قائمة على مجموعة من العناصر وتتمثل في أن يتولى الوالي في تونس الحُكم بعد استلام خطاب الولاية على تونس بواسطة مبعوث خاص يُرسل من تُونس لـ الآستانة، والجدير بالذكر أن الحكم في تونس كان وراثيا، وقراءة الخطبة باسم السلطان العثماني والدعاء له في المنابر، وضرب السّكة باسم السّلطان، وإرسال المنح المالية والعسكرية من عتاد ورجال في وقت الحروب، وإرسال ضريبة بشكل غير منتظم كانت تسمّى هدية، وقد كانت هذه الضريبة تزيد أو تنقص حسب حالة البلاد الاقتصادية”.

إلا أن ذلك بحسب الكاتب لا يمنع التونسيين من رفض مطالب الباب العالي في عونهم خلال حربهم مع الروس إلا بعد ضغط شديد وتباطؤ، جعل الحرب تنتهي قبل وصول المدد التونسي الذي كانت شبه مرغمة عليه.

وقال “عند قيام الحرب العثمانية الروسية في سنة 1877 طلبت الدولة العثمانية من تونس أن تسهم في الحرب بالمال والعتاد والرجال، ورغم الرسائل الكثيرة التي أرسلها والي تونس محمد الصادق باي من أجل إعفاء تونس من تحمل جزء من أعباء الحرب بسبب الأوضاع الصعبة التي كانت تعيشها البلاد فإن الوثائق التي حصلنا عليها تفيد بأن الدولة أصرّت على طلبها بأن ترسل تونس ما يتعين عليها إرساله من المساعدة، خصوصاً أن المخاطر التي تُحدِق بالدولة كانت واسعة وجدّية، وكانت الجهود متصلة لإرسال بعض الرجال، إلا أن الأخبار وصلت تفيد بأنّ الحرب توقفت، فعُدل عن إرسال الجنود التونسيين”.

السابق
Gamble Sims Free of charge Zero Downloads, Dash Local casino No deposit Bonus
التالي
من هو زياد المسفر ويكيبيديا

اترك تعليقاً